علم المتزامنات

إن المتزامنات هي خوارق للعادات تعلن عن وجود الله، ونداء للإنسان للبحث عن الله والتوجه إليه، وهذا هو فحوى رسالة المتزامنات. |فالمتزامنات تخاطب الإنسان فرداً قائلة له: تعال إلى الله .. .. . كن مع الله .. .. . أحذر أن يفتك الله|، وهي وأن كانت تأتي بأشكال مختلفة فإن جوهرها واحد، تذكرة للعبد بربه وإشارة إلى أن هدف ومعنى حياة كل ذي حياة هو عبادة واهب الحياة: [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] [سورة الذاريات: 56].
ولما كانت المتزامنات تذكر الإنسان بربه الذي يجب أن يجعل من عبادته هدف حياته، فإنها لا تمثل غاية بحد ذاتها هي ظواهر إرشادية تحث الإنسان على سلوك طريق العبادة. لذلك فإن الاستجابة الصحيحة لرسالة المتزامنات تكون في البحث عن طريق عبادة الله وسلوك ذلك الطريق الإلهي إلى الله.
إلا أن المتزامنات لا تختفي من حياة السائر على الطريق الإلهي إلى الله، فلم إذا تستمر بالظهور؟ وهل هنالك وظيفة أخرى تقوم بها في هذه الحالة؟
السير على الطريق الإلهي إلى الله والطاقة الإلهية على ضوء الفكر الصوفي
إن الطريقة هي الطريق الإلهي إلى الله الذي سلكه النبي محمد [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] بهدى من ربه عز وجل، وهو الطريق الذي تجسده تعاليم القرآن العظيم: [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] [سورة الجن: 16]. والطريق المحمدي هو الطريق الذي اجتباه الله لكل من يحبه ويريد التقرب إليه. لذلك فلقد أمر الله الذين يحبونه من الناس باتباع رسوله الكريم [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] سورة آل عمران: 31]. ولم يكن هذا الأمر القرآني موجها للناس معاصري حبيب الله سيدنا محمد [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] فحسب، وإنما هو أمر شامل لكل من أراد سلوك طريق الحب الإلهي محباً فمحبوباً، ولذلك فقد وجه الله أمر الاتباع إلى كل أولئك الذين خاطبهم بقوله [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]إن كنتم تحبون الله[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url]. فالطريق المحمدي إذا هو الطريق الذي سلكه ولابد أن يسلكه كل مريد للحب الإلهي منذ عصر الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
تختلف علاقة الاتباع التي يتطلبها السير على الطريق المحمدي إلى الله عن غيرها من العلاقات التي تربط بين أي تابع ومتبوع لأنه علاقة ذات جانب روحي وليس ظاهرياً فقط. فالطريقة قائمة على الالتزام بأقوال الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] ومحاكاة الأفعال المحمدية الشريفة. إن اتباع الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] هو ارتباط روحي بين روح السائر على الطريق المحمدي القويم وروح صاحب هذا الطريق، الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url]. وتأتي الخصوصية الروحية لهذه العلاقة من حقيقة مفادها أن للرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] نوراً مشتقاً من النور الإلهي: [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]الله نور السموات والأرض[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] [سورة النور: من 35]، وكما في قوله عز وجل: [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] [سورة المائدة: من 15]. إن النور المحمدي يرقى بالسائر على الطريق المحمدي إلى الله رقياً روحياً من منزلة لأخرى في اقترابه المستمر من الله عز وجل.
لم يختف النور المحمدي بمغادرة الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] عالم الأسباب ولا انقطع السبيل إليه، وذلك لأن هذا النور ما فتأ ينعكس عمن خلف الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] من أساتذة للطريقة بدءا بالإمام علي بن أبي طالب الذي كان أول هؤلاء الأساتذة الذين فنوا حباً في أستاذهم [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url]، والذي جاء في فضله الحديث الشريف:[url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url]. وانعكاس النور المحمدي عن أساتذة الطريقة هو الذي جعل من [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]النظر إلى وجه علي عبادة[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url]، كما قال الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url].
لقد سلك أساتذة الطريقة بكل إخلاص وعشق، مريدين ثم أساتذة، الطريق الإلهي إلى الله والذي خطه أستاذهم [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] فأصبح كل منهم مرآة صافية ينعكس عنها النور المحمدي، وأصبح اتباعهم هو اتباع لأستاذهم رسول الله [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url]. فأساتذة الطريقة مرتبطون ببعض برابطة روحية تصل إلى الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] وبالتالي فأن السلوك على يد أستاذ من أساتذة الطريقة هو في الحقيقة سلوك على يد كل أستاذ من سلسلة أساتذة الطريقة التي تصل إلى الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] الذي هو باب الوصول إلى الله عز وجل، ولذلك يطلق الشيخ محمد الكسنزاني الحسيني تسمية "اللمسة الروحية" على عملية مبايعة الإنسان لشيخ الطريقة والتي تتم بواسطة وضع المريد الجديد ليده في يد شيخ الطريقة أو يد من يمثله وترديد عهد التوبة والإخلاص (الكسنزاني الحسيني، 141: 1996). إن الحقيقة الروحية لعلاقة المريد بأستاذه هي تفسير قول الشيخ عبد القادر الكيلاني "يا مريد وأن كنت في اليمن فإنك بقربي [في العراق]، ويا مريد وأن كنت بقربي فإنك في اليمن"، إذ أن هذه العلاقة ليست علاقة ظاهرية فقط ولذلك فإنها غير مقيدة بقيود المكان والمسافة.
إن هدف الرابطة الروحية بين المريد وأستاذه على الطريق الإلهي إلى الله هو ربط المريد روحياً بالرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] الذي هو بوابة الارتباط بالروح الأعظم، الله عز وجل. لذلك فإن السلوك بإخلاص على يد أستاذ من أساتذة الطريق الإلهي إلى الله يجعل مريد الوصول إلى الله مرآة صقيلة تنعكس عنها الطاقة الإلهية ونورها وكذلك طاقة الطريقة، التي هي قبس من الطاقة الإلهية، ونورها، الذي هو النور المحمدي المقتبس من والمنعكس عن النور الإلهي.
لقد جاء في القرآن العظيم العديد من الآيات الكريمة التي تبين انعكاس الطاقة الإلهية عن أنبياء الله وما يمكن أن تتركه من تأثيرات مختلفة على البيئة التي تحيط بالنبي. إذ خاطب الله عز وجل نبيه موسى قائلاً: [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]وألقيت عليك محبة مني[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] [سورة طه: من 39]. ويفسر الشيخ عبد القادر الكيلاني هذه الآية الكريمة بخصوص سيدنا موسى قائلاً: "كان كل من رآه من قوم فرعون أحبه" (الكيلاني، 48: 1989). إن المسألة التي يجب الانتباه إليها هنا هي أن الله عز وجل لم يقل بأنه جعل محبة موسى في قلوب الناس وإنما قال بأنه ألقى المحبة منه على موسى، بمعنى أنه ألقى على موسى ما يجعل من الحب ينشأ في قلب من ينظر إليه. فهذا الذي يشير إليه الله في هذه الآية الكريمة هو انعكاس للطاقة الإلهية عن عبده موسى وذلك لتخلق حبه في قلب كل من يراه. أي مع ما يمكن أن تتسبب به الطاقة الإلهية المنعكسة عن العبد الصالح من ظهور للكثير من خوارق العادات فإن الله عز وجل أمرها في حالة موسى بأن تقوم بمهمة خاصة وهي أن تجعل حبه يظهر في قلب كل من يراه. كذلك فإن انعكاس الطاقة الإلهية عن السيد المسيح هو سر خطابه لقومه: [url=http://www.islamic-sufism.com/images/).gif][/url]وجعلني مباركاً أين ما كنت[url=http://www.islamic-sufism.com/images/(.gif][/url] [سورة مريم: من 31]. وهنا أيضاً نجد الآية الكريمة تشير بشكل جلي إلى أن عيسى العبد الصالح هو مصدر البركة التي كانت تنعكس عنه لتترك أثارها من بركة واضحة تحل على كل مكان حل فيه.
إلا أن أوضح مثال على التأثيرات الخارقة للعادات والمألوفات والتي يمكن أن تسببها الطاقة الإلهية المنعكسة هي المعجزات التي رافقت ولادة الرسول [url=http://www.islamic-sufism.com/images/pp.gif][/url] والتي كان من بينها سقوط أربع عشرة شرفة من ايوان كسرى ذي الاثنتين وعشرين شرفة، وانطفاء نار المجوس في بلاد فارس ولم تكن قد انطفأت لألف من السنين قبل ذلك، وغيض ماء بحيرة ساوة، وانكفاء الأصنام على وجوهها، وغدو الشياطين وكبيرهم إبليس محجوبة عن السماء ومرمية بالشهب الثواقب.
إن الكثير من معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء والتي تحدث بتدخل إلهي مباشر هي نتيجة انعكاس للطاقة الإلهية عن ذلك النبي أو الولي القريب من الله على البيئة التي تحيط به وعلى المرتبطين به. لذلك فإن نور النبوة لا يوجد في مكان إلا ورافقته المعجزات وأن نور الولاية لا يتمثل في إنسان إلا وجرت الكرامات من حوله.
إن السير على الطريق الإلهي إلى الله بإخلاص يؤدي بالتأكيد إلى حدوث تغيرات خاصة في دماغ السالك الذي يصبح تحت تأثير مستمر من طاقة الطريقة، وهذه تغيرات خاصة يمكن وصفها وظائفياً بأنها تغيرات روحية وذلك لأن لها علاقة بالرابطة الروحية للمريد بشيخه وبسلسلة مشايخ الطريقة.


بقلمي